تقديم عام

                                      

التعريف بالتربية التشكيلية :


    ارتبط الفن بالحضارة الإنسانية منذ القدم ، فشكل معيارا لقياس درجة ارتقاء الأمم  أو انحطاطها، فبمقدار ما تهتم هذه الأمم بالفنون بمختلف أشكالها ترتقي في سلم الحضارة الإنسانية ويزدهر إنتاجها الفني والفكري والحضاري.ومهما تختلف المواقف يظل الفن القيمة الإنسانية العليا في تحقيق توازن بين الوظائف الجمالية والوظائف النفعية في حياة الإنسان ، والارتقاء بغرائزه  وتصريفها في الابتكار والإبداع الفني الرفيع، والتمكن من بناء توازن نفسي للتخفيف من حدة التوترات والمعاناة لديه والسمو بها إلى أفق الفن والجمال. ويشكل الفن التشكيلي جزءا من هذا الفن الرفيع الذي  ساهم في تطور وسمو الحضارة الإنسانية.
وقد أصبحت الثقافة التشكيلية اليوم في زمن هيمنة الصورة بأنواعها وتقنياتها ووسائطها ووظائفها وجاذبيتها واستهلاكها ثقافيا وإبداعيا وتكنولوجيا و إعلاميا ، تلعب دورا أساسيا في حياة الأفراد والشعوب والمجتمعات.
     والتربية التشكيلية كمادة تربوية تتميز بخصوصية إنسانية وفنية تتجلى في محتوياتها المعرفية الممثلة في الثقافة التشكيلية والتعريف بالموروث والآثار الفنية وتاريخ الفن والأعمال والأساليب الفنية والإبداعية والجمالية وبمختلف تكنولوجيات الفن المعاصر، فالتربية التشكيلية كجزء (أو مكون) من التربية الفنية يرتبط بالطفل (المتعلم) بشكل فطري  و أولي، لأن شخصية الطفل تميل بالفطرة إلى اللعب والرسم والخدش أو التخطيط والتشكيل.... وينمي لديه هذه الرغبة الفطرية بحس إبداعي، كما ينمي شخصيته وقدراته الحسية والتخيلية و يصقلها ، ويهذب أحاسيسه ووجدانه ويثري ذاكرته التشكيلية  .                                                                                       
     ومن السمات الأساسية للتربية التشكيلية كتربية فنية وذوق جمالي حث المتعلم على الابتكار والبحث عن حلول وأشكال جديدة تشكيلية تبرز رؤيته الذاتية للأشياء  والمحيط وتترجم أحاسيسه الخاصة، وتعوده على تنويع أذواقه الجمالية والتعايش مع اختلافاتها، وتحفزه على إدراك الجمال في الطبيعة وفي الأعمال الفنية والمآثر الإنسانية وترجمتها إلى إنتاج تشكيلي خاص.
     هكذا تجعل التربية التشكيلية المتعلم قادرا على الانفتاح على محيطه بكل مكوناته الطبيعية والثقافية والبيئية، وعلى إدراك معاني وجمال الأشياء، وتفتح أمامه فرصا متنوعة للاشتغال والعمل و تشكيل المواد  والتعبير عنها بتقنيات الرسم والأعمال المسطحة والمجسمة وإدراك مدلولات الصورة وإمكانية تحليلها  والاستفادة منها، واكتساب بعض المفاهيم التشكيلية ومهارات الانجاز والتعبير البصري بشكل عام، وفي نوع من التفاعل والتقاطع مع مجالات متعددة كالمجالات المرئية والتشكيلية والإبداعية، أي ما يسمح للمتعلم بابتكار الأشكال والنماذج الأولية والصور وفق مبدأي التدرج والاكتساب.
     في إطار إصلاح منظومتنا التعليمية وتمشيا مع هذه التطورات والمستجدات وما تثيره من رغبات وتطلعات لدى المتعلم والمجتمع على حد سواء، تعمل مادة التربية التشكيلية كذلك؛ وإضافة إلى أهدافها وأنشطتها التشكيلية التعبيرية والإبداعية والثقافية ،على اعتماد الديداكتيكيا الوظيفية المرتكزة على الحاجيات، وذلك بتوسيع الآفاق والطاقات التعليمية والتكوينية للمادة عبر أنشطة تشكيلية تتناول مختلف مجالات التصنيع والإنتاج والمعمار والاتصالات المرئية، كابتكار النماذج والتصاميم والمجسمات والرسوم البيانية والتقنية ومعالجة وإنتاج الصور...
      وبما تتميز به مادة التربية التشكيلية من تقاطع وتكامل بين الجوانب الفنية التشكيلية الإبداعية والثقافية ومختلف التخصصات الحرفية والإنتاجية، وأنشطة مفتوحة تكسب المتعلم الذاتية في التفكير من خلال التفاعل والتمفصل المستمرين بين الممارسة التطبيقية وما هو نظري ومعرفي، فإنها تمكن هذا المتعلم من الكفايات الضرورية لمواجهة واقع ومتطلبات الحياة، مثل البحث والتحليل والتركيب والتجريب والاستثمار والابتكار والمبادرة والتواصل...
   ولقد أصبحت الحاجة ملحة لهذا النوع من التعليم والتي تعتبر مادة التربية التشكيلية في طليعة المواد المؤِهلة للمساهمة الفعالة فيه.
  المفاهيم والعناصر الأساسية المكونة للبرنامج (الإطار العام- عنصر القيـــم
-         أن يكون متشبعا بقيم الحضارة المغربية بكل مكوناتها ومتفتحا على قيم الحضارات الأخرى ؛
-         أن يكون متشبعا بقيم المشاركة الإيجابية وقادرا على تحمل المسؤولية ؛
-         أن يكتسب الذوق الجمالي ومتذوقا للفنون ؛
-         أن يكون قادرا على التواصل بخطاب حامل للمصطلحات الفنون التشكيلية ؛
-         أن يكون متمكنا من منهجية التفكير والعمل داخل الفصل وخارجه ؛
-         أن يكون متفتحا ومتفاعلا مع التكوين المهني والقطاعات الحرفية والإنتاجية.
 - عنصر الكفايــــات
القدرة، من خلال التجريب والبحث التطبيقي على الاستغلال التشكيلي للمواد والأدوات والأسندة ؛
التمكن من التقنيات الأساسية والقدرة على ابتكار تقنيات جديدة ؛
التمكن من ابتكار لغة تشكيلية ذاتية ؛
القدرة على ابتكار وإنجاز أعمال تعبيرية تشكيلية مسطحة ومجسمة ؛
التمكن عن طريق المحاكاة من بعض التقنيات والأساليب التشكيلية الخاصة بحرف الصناعة التقليدية
   مع القدرة على  ابتكار أعمال تشكيلية جديدة باستثمار هذه التقنيات والأساليب ؛
-         التمكن من الترجمة المسطحة والمجسمة المباشرة للواقع مع القدرة على استغلال نتائج هذه الترجمة
لابتكار وإنجاز أعمال تشكيلية جديدة ؛
التمكن من بعض الصيغ والأساليب المقننة في ترجمة الواقع ؛
القدرة على ابتكار وإنجاز تصاميم مسطحة ومجسمة لنماذج المنتوجات الصناعية العصرية منها
   والتقليدية ؛
التمكن من قراءة صورة التواصل الثابتة (العناصر والمدلولات) والقدرة على اتخاذ مواقف واعية  
   إزاءها ؛
القدرة على معالجة وابتكار وإنجاز نماذج من الصور الثابتة
التمكن من التفاعل ومعالجة الصورة الفرضية والقدرة على إنتاج تشكيلات ومشاهد باستغلال برامج
   التخطيط الإعلاميائي.
اكتساب المضامين التشكيلية ومضامين صورة التواصل والقدرة على تداول المصطلحات المتعلقة بها.
القدرة على استرداد وشرح وتعليل المقاربات والأعمال الشخصية.
القدرة على تنقيل (أو تحويل) القدرات المكتسبة من مجال إلى آخر.
اكتساب الثقافة التشكيلية المميزة لمقومات حضارة وثقافة الانتماء ( التراث الفني التشكيلي المغربي   
   والفن التشكيلي المغربي المعاصر).
التفتح والتفاعل مع التجارب التشكيلية للحضارات الأخرى ؛
تثبيت الانتماء الحضاري بترسيخ قيم ومقومات ثقافة المجتمع ومميزات أصالته ؛
اكتساب الذوق والإحساس الجمالي عبر التفاعل والمشاهدة المتذوقة للأعمال الفنية .

Modifié le: Monday 19 April 2021, 13:13